القائمة الرئيسية

الصفحات

مخطط "التنظيم الدولي للإخوان"بداء بتفكيك الجيش اليمني وإعدام "الحرس الجمهوري". نُفذ بيد الرئيس هادي وإشراف أمريكا

في دراسة عن الإصلاحات العسكرية في اليمن لمركز كارنيجي للسلام الدولي:
- أحد جوانب  الصراع في اليمن تتم  للاستيلاء على المواقع الأكثر استراتيجية لقوات الطرفين في الجيش اليمني.
- قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة تُمثل (قبل التفكيك)، وفقاً لجميع المقاييس، وحدات النخبة الأفضل تدريباً وتجهيزاً في الجيش اليمني.
- الساحة السياسية المحلية تعرضت  إلى المزيد من التلاعب على أيدي القوى الخارجية

.. خلصت هيكلة الجيش التي ختمها الرئيس عبد ربه منصور هادي مطلع شهر إبريل الماضي بحزمة قرارات جمهورية إلى إنهاء أهم قوة عسكرية في البلاد والمتمثلة بقوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والتي تم بناؤها على مدى سنوات طويلة لتكون قوات النخبة اليمنية ونواة لجيش وطني مبني على أسس مهنية وعسكرية متقدمة.

تحولت الهيكلة في مضمونها النهائي إلى أشبه بالمؤامرة على الجيش اليمني ووحداته التي حافظت على وجود الدولة وشرعية النظام الذي أوصل الرئيس هادي إلى الرئاسة بعد أن كان سقوط النظام في حال لم تكن هذه القوات موجودة سيذهب بهادي ومن يعملون معه في رسم خارطة الهيكلة إلى السجون والمنافي كما هو حال الأنظمة العربية التي سقطت في دول أفريقيا وتحديداً مصر وتونس وليبيا.

 كان الرئيس هادي احد المشاركين في إنهاء وجود الحرس الجمهوري حيث ساهم إلى حد كبير في السكوت على مساعي اللواء علي محسن الأحمر وحركة الإخوان المسلمين الرامية إلى إسقاط الحرس الجمهوري من خلال استهداف وحداته في محافظة تعز والبيضاء وأرحب ونهم والحيمة وفي مناطق أخرى. 

وبعد أن فشلت المليشيات القبلية والإخوانية المتحالفة مع قوات نظامية تابعة لعلي محسن الأحمر في إسقاط ألوية الحرس الجمهوري وإسقاط صنعاء العاصمة عبر بوابة أرحب وإسقاط محافظة تعز  تحول المخطط إلى مدخل جديد وشرعي يتمثل في هيكلة الجيش وتفتيت قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وفصلها عن بعض في البداية ومن ثم تغيير قياداتها ودعم تمردات داخل ألوية الحرس وتفتيتها وصولاً إلى تغيير قائد الحرس وإحلال قوات بديلة للحرس مشكلة من ألوية متفرقة تسمى قوة الاحتياط لاتملك أية مهارات عسكرية يمكنها أن تؤلف بين وحداتها.

مخطط تفتيت الحرس الجمهوري تم الكشف 

 عنه قبل أكثر من عام ويزيد، حيث أعدت لجنة عسكرية تابعة لحركة الإخوان المسلمين مشكلة من قادة في الفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الغربية وبعض وحدات القوات المسلحة خطة تفصيلية لتفكيك الحرس الجمهوري وإعادة تشكيل بنيته التنظيمية وفقاً لمحددات تم وضعها من قبل اللواء المنشق علي محسن الأحمر والقيادي البارز في تجمع الإصلاح الإخواني محمد اليدومي ضابط الاستخبارات السابق وضباط من الجيش الأمريكي وكشف عنها القيادي الإخواني محمد قحطان العقيد في الجيش في ابريل من عام 2012م   من خلال تصريح صحفي أكد فيه على ضرورة توزيع قوات الحرس في المحافظات وفصل القوات الخاصة عن الحرس الجمهوري .

وتضمنت الخطة التي وضعها الإخوان المسلمون في اليمن ثلاثة محاور أساسية، يتعلق الأول بقوام الحرس الجمهوري وعدد قواته والثاني بهيكلته التنظيمية والثالث بالإطار الجغرافي لتواجد قوات الحرس الجمهوري.

وقضت خطة الإخوان المسلمين أن تبدأ عملية استهداف الحرس الجمهوري بتقليص قواته إلى الثلث من قوامها من خلال فصل عدد من الألوية الكبيرة والموجودة في مناطق حساسة عن الحرس الجمهوري وإلحاقها بالمناطق العسكرية الأخرى ومن هذه الألوية وحدات الحرس الجمهوري في منطقة أرحب ومحافظة تعز وحضرموت وصنعاء وهو الأمر الذي تم فعلياً في الخطوة الأولى من هيكلة الجيش حين تم فصل 7 ألوية من الحرس الجمهوري وإلحاقها بالمناطق العسكرية الأخرى.

وكان المخطط أن يتم دمج  اللواء الثالث حرس جمهوري مع الفرقة الأولى مدرع بعد فصل الفرقة عن المنطقة الشمالية الغربية، تتبع قيادة هذه القوات احد قادة الفرقة الأولى مدرع غير انه حدث تغيير بسيط في الخطة من خلال تعيين قائد من الفرقة الأولى مدرع للواء الثالث حرس وضُم اللواء الرابع إلى ألوية الحرس الثلاثة الأولى الأول والثاني والثالث   وتم إسناد قيادتها لأحد أقارب الرئيس هادي لتجنب الاحتكاك بين قائد الحرس الجمهوري وقائد الفرقة الأولى مدرع.. غير أن مضمون الخطة تحقق بفصل اكبر ألوية الحرس الجمهوري في العاصمة والحاقه باللواء علي محسن الأحمر عبر احد المقربين منه "الحليلي".

وقضت الخطة الإخوانية أيضاً على فصل ألوية الصواريخ في الحرس الجمهوري وهو ما حصل فعليا وتم إزاحة قائد ألوية الصواريخ في قرارات الأربعاء الماضي وتعيينه قائد لمنطقة عسكرية رغم انه من أكفأ القيادات العسكرية في قوات الجيش. 

وكان مقرراً - حسب الخطة - فصل القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب وتشكيل وقيادة موحدة لها تكون تحت إمرة وزير الدفاع مباشرة غير ان التغيير الذي طرأ باستحداث قوات العمليات الخاصة وضم قوات الصواريخ إليها وإلحاقها بالرئيس هادي وتعيين قائد من حركة الإخوان المسلمين لها.


ودفعت قوات الحرس الجمهوري ضريبة دفاعها عن مكون الدولة وإفشالها مخططات إسقاط العاصمة والانقلاب على النظام الشرعي واستبداله بنظام قادم من رحم الاحتجاجات في الشارع الذي يقوده الإخوان المسلمون. 

ومثلت انتصارات العميد الشاب أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري سابقاً على تحالف خصومه العسكريين والقبليين المنخرطين في تيار الإخوان المسلمين مصدر إزعاج لكل القوى التي تريد بناء تحالفات ومراكز نفوذ عسكرية داخل الجيش وأولها تيار وزير الدفاع والرئيس هادي نفسه الذي اعتبر وجود احمد علي صالح في قيادة الحرس الجمهوري مصدر إقلاق له.

ودأب الرئيس هادي بقوة على التخلص من الصداع الذي تمثله قوات الحرس الجمهوري لحلفائه علي محسن الأحمر والإخوان المسلمين وعقد صفقة كبيرة مع مستشاره الجديد علي محسن تتمثل في تقاسم الجيش وبناء مركزي نفوذ عسكري فقط الأول يقوده الرئيس هادي بديلاً للرئيس صالح ومكوناته قادة عسكريين من مناطق الجنوب المقربة من هادي والثاني يتبع اللواء علي محسن الأحمر بتشكيلات قواته الموالية وقادة الألوية والوحدات والمناطق الذين فرضهم على الرئيس هادي.

وفي دراسة عن الإصلاحات العسكرية في اليمن أعدها لمركز كارنيجي للسلام الدولي خالد فتّاح المحاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة لوند Lund في السويد،قال فيها إن أحد جوانب  الصراع في اليمن تتم  للاستيلاء على المواقع الأكثر استراتيجية لقوات الطرفين في الجيش اليمني.

وأشارت الدراسة في حينه إلى أن الموقع الجغرافي لثكنات الجيش يؤثّر على مقدار السلطة التي يمتلكها القائد العسكري والغلبة في هذه الحالة هي للعميد أحمد علي، الذي يترأس قوة كبيرة من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وتُمثل هذه القوات، وفقاً لجميع المقاييس، وحدات النخبة الأفضل تدريباً وتجهيزاً في الجيش اليمني.

ويضيف: أن هذه القوة التي يصل قوامها إلى قرابة 80 ألف جندي تملك ترسانة ضخمة من الأسلحة، كما تتمتّع بمزيج فريد من المهارات والهياكل العسكرية التي تم اكتسابها من الحرس الجمهوري العراقي في عهد صدام حسين، ومن القوات الخاصة الأردنية، وأيضاً من خلال التدريب المتطوّر الذي قدمته الولايات المتحدة في المجالات اللوجيستية والعملياتية لمكافحة التمرّد والإرهاب خلال العقد الماضي.

وجاء في الدراسة أن الجيش اليمني يمثل المخزون الأكبر للسلطة القبلية في البلاد. فالأغلبية الساحقة من جنود وضباط الجيش هم جنود في النهار ورجال قبائل في الليل. ولا يتمتّع القادة الكبار في مختلف وحدات القوات المسلحة في البلاد بأي نفوذ إلا إذا كانوا يحظون بدعم من السلطة القبلية، أو كانت لهم روابط عائلية وثيقة مع النظام الحاكم. ففي الجيش اليمني شخصية المرء هي التي تحظى بالمكانة الأبرز، لا رتبته العسكرية.

وتوصلت الدراسة إلى أن افتقار الجيش إلى التنظيم والانضباط يؤدي إلى تعقيد الأمور بدرجة أكبر فبعض كبار الضباط، على سبيل المثال، هم في الوقت ذاته شيوخ لعشائرهم ورجال أعمال. وهذا يدلّ على عدم وجود سيطرة داخل المؤسسة العسكرية، ما يسلِّط الضوء على الصعوبات التي تواجهها الحكومة المركزية في بسط سلطتها على قوة موحَّدة.
وقد كشفت الدراسة في تحليلها واستنتاجها إلى تكوين بنية الجيش اليمني وتكوين قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة..  

 حيث تتكون قوات الحرس من وحدات مدربة ومنظمة وذات مهارات عالية بينما بقية الوحدات أشبه بعشائر قبلية تتبع قيادات قبلية وليست قيادات عسكرية.

وكان من المفترض أن تعمل خطة هيكلة الجيش على رفع مستوى تأهيل وحدات الجيش ذات البنية والتدريب المتدني إلى مستوى قوات الحرس الجمهوري والاستفادة من كوادر الحرس في هذا الجانب مع الاحتفاظ بقوات الحرس ووحداته المختلفة وتغيير القيادات العليا في حال كانت هناك ضرورة لإنهاء وجود أقارب صالح في المؤسسة العسكرية، أي أن ذهاب قائد الحرس الجمهوري العميد أحمد علي صالح لم يكن بالضرورة يحتاج إلى إنهاء وتفتيت قوات الحرس الجمهوري، كون هذه القوات لاتنتمي لأسرة صالح بل لليمن بكامل مناطقه الجغرافية.

لم يكن منطقياً الزج بأهم الوحدات في الجيش في صراعات لا تخدم المؤسسة العسكرية من اجل إرضاء طرف على آخر مثل ما حصل في القوات الخاصة التي تسير في اتجاه خطير ينذر بتفكك وحداتها وانهيارها نتيجة تغذية الصراع بين الخصوم داخلها وتنفيذ عملية استقطاب للقيادات داخلها بشكل ينافي قوانين العمل العسكري التي تحرم الأنشطة السياسية والجهوية والمناطقية داخل الجيش .

وتشير دراسة كارنيجي إلى أن الساحة السياسية المحلية تعرضت  إلى المزيد من التلاعب على أيدي القوى الخارجية وعدد كبير من القوى المحلية المسلحة غير الرسمية. ولم يؤدّ هذا إلى تغذية الانقسامات داخل مختلف القوى في الجيش وحسب ، بل أدّى أيضاً إلى تبدّد القوة والسلطة في المناطق القبلية والريفية الواسعة من البلاد، والتي يقطنها أكثر من 70 في المئة من اليمنيين. وأصبحت المجتمعات المحلية الموجودة خارج المدن الكبرى من البلاد تعيش حالة من الاستقطاب السياسي إلى درجة أن انقسامات حادّة باتت الآن موجودة داخل كل أسرة وعشيرة وقبيلة واتحاد ومنظمة وطائفة ومؤسسة.

وفي هذه الجزئية يتطلب من الحكومة ان تكون لديها قوات متماسكة وقادرة على بسط نفوذ الدولة في مختلف ارجاء البلاد، هذه السيطرة كان يمكن للرئيس هادي أن يستفيد من قوات الحرس الجمهوري في إتمامها بدلاً من تفتيت قوات الحرس وتشتيت وحداته، والتعامل مع الضباط والأفراد الذين افشلوا الانقلاب على الشرعية وساندوا هادي حين كان نائباً للرئيس وقائماً بأعمال الرئيس ومن ثم رئيساً في حربه على القاعدة في أبين التعامل معهم باعتبارهم قوة مزعجة يجب التخلص منها وإزالتها من خارطة الانتشار العسكري للجيش كقوة موحدة ومتماسكة وذات فعالية جبارة في تنفيذ المهام الموكلة إليها.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في ختام هذه التناولة هو.. كم يحتاج الرئيس هادي وقادة جيشه الجدد من الوقت لبناء قوة نوعية كالحرس الجمهوري والقوات الخاصة؟ وهل في حساباتهم ضرورة وجود هذه القوة أم أن المساواة في الضعف عدالة؟
صحيفة المنتصف

تعليقات

التنقل السريع